حققت أنظمة ذكاء اصطناعيّ من “#ديب مايند” التابعة لـ”#غوغل” إنجازاً كبيراً في حلّ أربع من أصل ستّ مسائل في #أولمبياد الرياضيات الدوليّ هذا العام، وهو مستوى يعادل الفائزين بالميدالية الفضية في هذا الحدث العالميّ المخصّص لطلاب المدارس الثانوية.
يعتبر هذا الإنجاز قفزة نوعية في مجال تعلّم الآلة، إذ يمثل حلّ المسائل الرياضية المعقّدة بتسلسل منطقي تحديّاً كبيراً للذكاء الاصطناعيّ. صرح أحد المسؤولين في “ديب مايند” بأنّ هذه المسائل بالغة الصعوبة ولم تتمكّن أيّ أنظمة ذكاء اصطناعيّ من تحقيق نتائج عالية فيها من قبل.
استخدمت الأنظمة تقنية التعلّم المعزّز لحلّ المسائل دون تدخّل بشريّ، وهي التقنية نفسها التي مكّنت أنظمة سابقة من التفوّق في ألعاب مثل “غو” و”ستار كرافت”. وتمكّنت أنظمة #الذكاء الاصطناعيّ من حلّ مسائل في الجبر ونظرية الأعداد، بينما واجهت صعوبة في مسائل الاحتمالات.
ماذا يعني ذلك؟
إنّ فوز الذكاء الاصطناعيّ بميدالية في أولمبياد الرياضيات الدولي يُعدّ إنجازًا مهمًا لأسباب عدّة. مثلاً، يشير تحقيق الذكاء الاصطناعي لهذه النتيجة إلى أنّه يمتلك قدرات تفكير رياضي متطورة. تشتهر مسائل أولمبياد الرياضيات الدولي بصعوبتها، حيث تتطلّب فهماً عميقاً لمختلف المفاهيم الرياضية والقدرة على تطبيقها بشكل مبتكر. إنّ قدرة الذكاء الاصطناعي على حلّ هذه المسائل تشير إلى مستوى عالٍ من الكفاءة الرياضية.
كذلك، غالبًا ما تتطلّب مسائل الأولمبياد أساليب مبتكرة. إنّ قدرة الذكاء الاصطناعي على ابتكار حلول جديدة للمشكلات الصعبة تُبرز قدرته على إيجاد حلّ المشكلات، كما تظهر قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على توليد إثباتات صحيحة ودقيقة للمسائل المعقدة فهماً قوياً للتفكير المنطقي والبنى الرياضية.
ليس في الرياضيّات وحدها
من خلال التعامل مع المشاكل بشكل غير تقليدي، واستكشاف مساحات واسعة من الرياضيات بسرعة، وتوليد فرضيات جديدة، وأتمتة المهام الروتينية، وتعزيز التعاون بين التخصصات المختلفة، فإنّ للذكاء الاصطناعي القدرة على تسريع وتيرة البحث في علوم الرياضيات، وكشف الأنماط والرؤى التي قد تفلت من علماء الرياضيات البشر.
ولا يقتصر الأمر على الرياضيات، بل يمتدّ إلى علوم أخرى. في الفيزياء مثلاً، تشكّل المعادلات الرياضية المعقّدة أساس فهمنا للكون. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في حلّ هذه المعادلات، ومحاكاة الأنظمة الفيزيائية، وربما اكتشاف نظريات جديدة.
في الكيمياء، تتضمّن البنى الجزيئية والتفاعلات الكيميائية نماذج رياضية معقّدة. ويمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف الأدوية وعلم المواد والهندسة الكيميائية من خلال تحسين هذه النماذج.
أمّا في علم الأحياء، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في الكشف عن الأنماط البيولوجية، والتنبّؤ بتطوّر المرض، وتصميم علاجات جديدة.
ماذا عن الاقتصاد؟
المجال الاقتصاديّ يعتمد بشكل متزايد على البيانات، والقدرات الرياضية ضرورية لاستخراج القيمة من هذه البيانات. في التمويل مثلاً، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين محافظ الاستثمار، وتقييم المخاطر المالية، واكتشاف الأنشطة الاحتيالية من خلال استخدام نماذج رياضية متطورة.
كذلك، يستفيد التنبّؤ الاقتصادي، وتقييم السياسات، وتحليل السوق من قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة مجموعات البيانات الكبيرة وتحديد العلاقات المعقدة.
يُضاف إلى ذلك إدارة سلسلة التوريد، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الخدمات اللوجستية وإدارة المخزون وشبكات سلسلة التوريد من خلال “النمذجة” الرياضية وتقنيات التحسين.
بالنتيجة، فإنّ الإنجازات المذهلة التي حقّقها الذكاء الاصطناعيّ في مجال الرياضيات تعمل كمحفّز قويّ للتقدّم في مختلف المجالات، ومع استمرار تطوّر هذه التكنولوجيا، تتضح قدرتها على معالجة التحديات العالمية وتحسين حياة الإنسان، ما يعزّز مكانتها كقوّة تحويلية في القرن الحادي والعشرين.