أربع سنوات مرت على مجزرة انفجار المرفأ، تعيد بنا الزمن إلى 2020 وتردد في مخيلاتنا الصور المؤلمة للدمار والخراب، لقصص الضحايا والعائلات المفجوعة، ولكل صراخ يصدح في شوارع بيروت. فما حال أهالي الضحايا بعد هذه السنوات؟ وأين هي التحقيقات؟
لا شك فيه أن هذا الانفجار الذي حصل نتيجة انفجار كمية ضخمة من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في أحد مستودعات المرفأ منذ سنوات، كان له عواقب وخيمة. الفاجعة تكمن في مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة حوالي 7000 شخص، ناهيك عن آلاف المشردين ودمار المنازل والممتلكات.
وما بين طمس الحقيقة وألم الضحايا والعائلات مسار حزين مشترك. فالضحايا ما زالوا يعانون من صدمات نفسية بسبب المشاهد العنيفة والدمار، إلى جانب اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) الذي أصاب أغلبية الأشخاص بحسب الإحصائيات. بالإضافة إلى ذلك، يعاني أهالي الضحايا من فقدان الأمل في تحسين أوضاعهم والحصول على الدعم الاجتماعي والعاطفي الكافي، حيث يشير البعض إلى أنهم فقدوا الثقة بكشف الحقيقة وأن هذا الملف سيوضع على الرف كغيره من الملفات.
يمكننا القول إن هذا الانفجار ورغم مرور أربع سنوات ما زالت عواقبه مستمرة. فقد أشار العديد من الضحايا إلى عدم دفع الحكومة لتكاليف علاجهم الذي بات غالياً جداً في ظل الأزمة الاقتصادية. كما أشار آخرون إلى عدم تأمين سكن لهم بينما بقوا مشردين من مكان إلى آخر.
في المقابل، يكمن الألم الحقيقي في عدم الكشف عن حقيقة الحادث والمسؤولين عنه. فعملية التحقيق تواجه صعوبة كبيرة بسبب تدخل العديد من الأحزاب وعدم مثول العديد منهم أمام قاضي التحقيق طارق البيطار، إلى جانب صعوبة في توثيق الأدلة بشكل صحيح مما يعقد عملية تحديد الجاني الأساسي. وما زاد الأمر تعقيداً هي الأزمات الاقتصادية من غلاء الدولار وتدهور المستوى المعيشي، بالإضافة إلى الشغور الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال ذات القرارات المحدودة.
وما بين النائب العام التمييزي غسان عويدات والقاضي بيطار، خلافات كبيرة أدت إلى توقيف عملية التحقيق لمدة ثلاثة عشر شهراً ومن ثم الاستئناف في كانون الثاني الماضي. إلا أن الحرب على غزة والجنوب جعلت البلد يسلط الضوء على الاعتداءات الإسرائيلية واحتمالية الحرب الشاملة.
تبقى في النهاية هذه الذكرى تعيد الصور الأليمة والفاجعة إلى قلوب اللبنانيين الذين لا يعلمون عن أي أزمة يتحدثون. ولا زالت الآمال معلقة بقلوب الأهالي لمعرفة المسؤولين عن قتل أبنائهم. فهل سيحقق البيطار هذه الأمنية أم ستوضع كغيرها في الأدراج؟
بقلم فاطمة ناصر الدين
زر الذهاب إلى الأعلى