الكويت واحدة من الدول الخليجية التي تعتمد بشكل كبير على النفط مصدراً رئيسياً لإيراداتها الوطنية. إلا أن #الحكومة الكويتية أدركت في السنوات الأخيرة أهمية تنويع مصادر الدخل الوطني، لتحقيق استدامة اقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط. ويأتي هذا التوجه في إطار “رؤية الكويت 2035” التي تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي ودولي.
وفي سعيها إلى تنويع مصادر دخلها، تستهدف الكويت رفع نسبة إيراداتها غير النفطية في الناتج المحلي من 4 إلى 10 في المئة بحلول عام 2030، ومضاعفة الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 4 مليارات دينار (نحو 13 مليار دولار) في العام المالي 2027 – 2028.
يقول الخبير الاقتصادي حســان خضــر، المقيم في دولة الكويت، لـ”النهار” إن التجارب الدولية وما آلت إليه أحوال الدول التي اعتمدت على مواردها الطبيعية وانتهجت السياسات الريعية أثبتت أن استدامة الرفاه تتحقق بالتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، “وأن الاستثمار في الثروة البشرية هو اللبنة الأساسية لبناء اقتصاد منتج ومستدام”. وانطلاقاً من هذا، تسعى الحكومة الكويتية إلى خلق اقتصاد يقوم على تمكين القطاع الخاص بشكل عام، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، على أسس تنافسية لزيادة التنويع الاقتصادي وتحقيق التنمية على أساس مستدام. كما تسعى إلى استحداث اقتصاد يقوم على دعم ريادة الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية لخلق قيمة مضافة عالية.
يضيف خصر أن الحكومة الكويتية ترى أن الخطوة الأولى تبدأ بالتوسع في طرح الفرص الاستثمارية، “لتمكين القطاع الخاص في خلق فرص عمل وطنية في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهذا هو الهدف الأساس من برنامج عمل الحكومة”.
الصناعة رافعة النمو
من الخطط التي تتبعها الكويت لتوسيع إيراداتها غير النفطية تعزيز القطاع الصناعي، إذ تسعى الحكومة الكويتية إلى تشجيع الاستثمار في الصناعات التحويلية والصناعات البتروكيماوية، وتعمل على إنشاء مناطق صناعية جديدة وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب، بما في ذلك تسهيلات ضريبية وإجرائية، لتحفيز النمو في هذا القطاع، “لذا، العمل جار في الكويت على دعم 48 مشروعاً بتكلفة تقديرية تصل إلى 9,43 ملايين دينار (نحو 30,85 مليون دولار)”.
ويستهدف تقرير “الإستراتيجية الصناعية 2035” أن تكون الكويت مركزاً جاذباً للصناعات التنافسية الابتكارية لتحقيق التنوع الاقتصادي والنمو المستدام.
تؤكد هذه الإستراتيجية أهمية تنويع الصناعات التحويلية وتحسين القطاعات غير الهيدروكربونية بمقدار 8.7 في المئة، ليصل معدل تنويع الصناعة التحويلية في عام 2035 إلى نحو 28.6 في المئة، صعوداً من 19.9 في المئة في عام 2022. كما تستهدف الإستراتيجية إنشاء صناعات معرفية لدعم القوى العاملة عالية المهارة بنسبة 35 في المئة، مع زيادة معدل جذب القوى العاملة الوطنية بنسبة 15 في المئة، إلى جانب تعزيز عدد العمالة الوطنية في الصناعات التحويلية لتصل إلى 19,500 عامل بحلول عام 2035، ارتفاعاً من نحو 4,000 عامل في عام 2022، إضافة إلى زيادة معدل الانتاجية 35.7 في المئة، ورفع انتاجية القوى العاملة إلى 23,8 ألف دينار (نحو 77,86 ألف دولار) بدلاً من 15,3 ألف دينار (نحو 50 ألف دولار) في عام 2022.
من جهة أخرى، يرى خضر أنّه يمكن الكويت أن تستهدف ببساطة زيادة أنشطة #القطاع غير النفطي، “فبالنظر إلى السوق المحلية الصغيرة نسبياً، من الحكمة التركيز على بعدين تنمويين في هذا الصدد، هما قطاع البناء ومشاركة القطاع الخاص. ويمكن قطاع البناء أن يكون رافعة فعالة لإنماء #الإيرادات غير النفطية في الكويت”.
السياحة قطاع واعد
يُعَدُّ القطاع السياحي أيضاً محوراً رئيسياً في خطط الكويت لتنويع اقتصادها. تهدف الحكومة إلى تطوير البنية التحتية السياحية ببناء فنادق ومنتجعات جديدة، وتطوير المرافق الترفيهية والثقافية. كما تسعى إلى استقطاب السياح من مختلف أنحاء العالم من خلال تنظيم فعاليات ومهرجانات دولية، وتحسين الخدمات السياحية، وتقديم تسهيلات في إصدار التأشيرات.
ومن أبرز أشكال سعي الكويت إلى تطوير القطاع السياحي في البلاد عزمها على ضخ 830 مليون دولار لتطوير القطاع في إطار “#رؤية 2035” التي تنصّ على إعادة تطوير المرافق السياحية الحالية لتقديم تجارب عالمية للزوار.
حاضنة للتكنولوجيا والبحث العلمي
تحاول الحكومة الكويتية رفد قطاع التكنولوجيا والابتكار بالاستثمارات، وتعزيز حضور هذا القطاع بإنشاء حاضنات أعمال ودعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا. كما تسعى إلى جذب الشركات التقنية العالمية للاستثمار في البلاد، بتقديم تسهيلات وحوافز تشجيعية.
إلى ذلك، تقدم الحكومة الكويتية مبادرات عدة لتعزيز ريادة الأعمال، يعدّد خضر بعضاً منها، وهي: “تأسيس الصندوق الوطني لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير قروض ميسرة للشباب الكويتيين الراغبين في إطلاق مشاريعهم، وتنظيم معارض وفعاليات تهدف إلى تسليط الضوء على المشاريع الناشئة”، مضيفاً: “علاوة على ذلك، تسعى الحكومة إلى تحسين التشريعات المتعلقة بالأعمال، ما يسهل على المستثمرين الدخول إلى السوق”.
إلى ذلك، يعتمد تحقيق التنوع الاقتصادي بشكل كبير على تحسين مستوى التعليم وتعزيز البحث العلمي. لذا، تسعى الكويت إلى تطوير نظامها التعليمي بالاستثمار في التعليم العالي والبحث العلمي، وإنشاء مراكز بحثية جديدة، وتشجيع التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية العالمية.
بيئة استثمارية مشجعة
تسعى الحكومة الكويتية إلى تحسين البيئة الاستثمارية في البلاد بتبسيط الإجراءات وتقديم التسهيلات للمستثمرين، وتحديث القوانين والتشريعات لتكون أكثر جذباً للاستثمارات، وتحسين البنية التحتية المالية وتوفير بيئة أعمال تنافسية.
يقول خضر: “نجذب هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في الكويت فرصاً استثمارية مجدية، في مجموعة واسعة من القطاعات، بينها قطاعات البنية التحتية، والصناعات اللاحقة (التكرير والتوزيع(، وصناعة الكيماويات البترولية، والخدمات البيئية، والتعليم والتدريب، والرعاية الصحية، والثقافة والإعلام والتسويق، والتنمية الحضرية، والسياحة والفنادق والترفيه، وخدمات التخزين، والخدمات اللوجستية، والنقل الجوي والبحري والسكك الحديد للركاب، والشبكات والتطبيقات، والتكنولوجيا النظيفة، وغير ذلك”، لافتاً إلى حزمة كبيرة من التسهيلات توفّرها الكويت للشركات الأجنبية، “في مقدمها الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بتأسيس شركة كويتية بملكية تصل إلى 100 في المئة أو تأسيس فرع مرخص لشركة أجنبية، أو مكتب تمثيلي غرضه إعداد دراسات السوق أو إمكانات الإنتاج، إضافة إلى الحوافز الضريبية التي تصل إلى 10 سنوات في ما يتعلق بحصة المساهمين غير الكويتيين في الأرباح من المشاريع المؤهلة”.
إعفاءات وضرائب
يضيف خضر إلى القائمة السابقة الإعفاءات من الرسوم الجمركية، وتخصيص الأراضي للمشاريع المقترحة، وضمان حماية المستثمرين من الاستيلاء أو المصادرة من دون تعويض، وضمان التحويل الحر لرأس المال والأرباح، “مع تجنب الازدواج الضريبي والفوائد بموجب الاتفاقيات الثنائية لحماية وتشجيع الاستثمار”.
ويشير خضر إلى ميزة الكويت الضريبية، “فنظامها الضريبي منخفض، يتمثل في صفر في المئة ضريبة على دخل الأفراد، و15 في المئة ضريبة على دخل الشركات (حصة أرباح الشركات الأجنبية)، و2.5 في المئة ضريبة لدعم العمالة الوطنية، وواحد في المئة زكاة على أرباح الشركات المساهمة، و5 في المئة رسوم جمركية على الواردات من دول خارج مجلس التعاون الخليجي”.