كتبت : هنادي عباس
٢٠/ ١٢ / ٢٠٢٤
الرئيس تحضر والعبرة في الخواتيم،
كما هو الحال، يوماً بعد يوم، تتصاعد وتيرة السير نحو انتخاب رئيس توافقي جامع، ممانعٍ للتعدي على سيادة لبنان وشعبه، حامٍ للوطن غير محتمي، ووطنيّ لدرجة لا تخشى الرياح ولا تنحني للعواصف.
رئيس يحمل في قلبه نبض الأرض ووجع أهلها،
يكون صوت المظلوم قبل صوت القوي،
وسند الضعيف قبل سلطة الجبروت.
رئيس يكتب بيديه صفحة جديدة للوطن،
ويغلق أبواب الفساد بأقفال العدالة والنزاهة.
فلن يكون رئيساً تتقاذفه الأهواء،
ولا فارساً تحركه الأوامر من وراء الحدود.
بل رئيساً يصنع القرار بعقله وقلبه،
يقف عند الخط الفاصل بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة، ويجعل لبنان أولويته القصوى.
فالعبرة في الخواتيم،
والرئيس الذي ينتظره لبنان هو الذي يختم الجراح،
ويرفع راية البناء فوق أنقاض الخلافات.
رئيس يتوج شعبه بالكرامة، ويقود بلاده نحو عهدٍ جديد من السلام والازدهار.
وفي ظل كل المعطيات الراهنة والتسابق السياسي نحو كرسي الرئاسة، يبدو أن العماد جوزيف عون يتصدر المشهد كمرشح توافقي يحظى بحظوظ متزايدة. فقد بات اسمه يتردد في أروقة السياسة الداخلية والخارجية، مدعوماً بتأييد قوى متباينة تسعى إلى تحقيق استقرار في بلد أنهكته التجاذبات، فضلاً عن قوى أخرى ترى فيه رئيساً بنكهة أمريكية. وسواء أكان هذا أم ذاك، فإن الوضع في البلاد قد وصل إلى عنق الزجاجة وأصبح من الضروري انتخاب الرئيس في الحال.
أما الرئيس نبيه بري، بحنكته السياسية التي صقلتها العقود، فيقود مروحة من التشاورات الحذرة والدقيقة. هذا الرجل الصنديد الذي أثقلت الأزمات كاهله ولكنه لم ينحنِ، يدرك تماماً حساسية المرحلة وتعقيداتها. يعمل بصبرٍ وجَلَد لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء، في مسعى لإنتاج توافق وطني يكون قادراً على إخراج لبنان من مأزقه وتدهور أوضاعه سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
وخصوصاً بعدما دعا إلى جلسة انتخابية لرئيس الجمهورية وعززها بدعوة جميع السفراء والمبعوث الأمريكي، مؤكداً أن الموعد هو موعد حقيقي لانتخاب الرئيس، ولن يسمح بأن يطول الأمر أكثر أو أن تخرج الجلسة دون انتخاب.
ولا سيما أن الرهان على العماد جوزيف عون لا يأتي فقط من كونه شخصية عسكرية أثبتت نفسها في أصعب المراحل، بل لأنه يمثل خياراً وسطياً يحظى بقبول داخلي ودولي.
وبما أن رؤيته قائمة على سيادة لبنان وحماية شعبه، بعيداً عن التبعية أو الانخراط في صراعات لا تخدم الوطن فما وراء هذا الدعم الدولي لشخصه؟ ولماذا المراهنة على وصوله وجعلها مطلب رئيسي سيفرض عقوبات على لبنان في حال تعطيله ؟ . .
ولاسيما إن هذا الخيار يضعنا أمام تعديل دستوري ينطوي على الشرعية ويؤسس لمسار وطني سيادي جديد. ومع ذلك، فإن الطريق إلى الرئاسة ليس معبداً بالورود. التحديات لا تزال قائمة، بدءاً من الانقسامات السياسية الحادة وصولاً إلى الضغوط الخارجية التي تتقاطع مصالحها على أرض لبنان.
ومع ذلك، فإن المرحلة الراهنة تتطلب أكثر من أي وقت مضى رئيساً قادراً على كسر الجمود وإعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمواطن.
في هذه الأثناء، يبقى السؤال الذي يطرحه الجميع: هل سينجح العماد جوزيف عون، إذا ما اختير رئيساً، في العبور بسفينة لبنان إلى بر الأمان؟ أم أن التعقيدات الإقليمية والمحلية ستعيد خلط الأوراق مجدداً، ونسمع عن أسماء ملغومة مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي؟
الرهان يبقى على المفاجآت،
ولكن العبرة دائماً في الخواتيم، وما يحمله الغد قد يكون مغايراً لما هو مرسوم، ولكنه حتماً سيكون مصيرياً.
زر الذهاب إلى الأعلى