نتنياهو يفشل بردع اليمن فيذهب إلى اتفاق غزة كطريق حتميّ لوقف الإسناد اليمنيّ
أسئلة سياديّة بعد شهر على اتفاق وقف إطلاق النار وتصاعد الاعتداءات الإسرائيليّة
وطنية – كتبت صحيفة “البناء”: برزت ملامح اتفاق ثلاثيّ تركيّ كرديّ أميركيّ، مع تراجع الرئيس التركي رجب أردوغان عن مطالبة وزير خارجيته حقان فيدان من دمشق بإنهاء قوات سورية الديمقراطية، وإعلانه بما بدا أنه القبول بما عرضته هذه القوات من ترحيل المقاتلين الأجانب في حال التوصل إلى وقف إطلاق نار مع الأتراك، بربط الأمن القومي التركي بإنهاء حزب العمال الكردستاني الذي ينتمي إليه المقاتلون الأجانب الذين تحدثت عنهم “قسد”. وهذا يعني أن المساعي الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار بين الأتراك والجماعات الكردية المسلحة قد حققت تقدماً. ووفق مصادر متابعة فإن القبول التركي بسقف أدنى يستند الى تفاهم تركي أميركي على تجزئة الملف الكردي بين أكراد غير سوريين وأكراد سوريين، بحيث يكون خروج غير السوريين مقابل وقف إطلاق النار. وبالتوازي ربط مصير قوات سورية الديمقراطية بالحوار السوري الداخلي الذي يتناول تشكيل الحكومة الانتقالية ولجنة الدستور من جهة، وبناء الجيش من جهة موازية، وترغب واشنطن بجعل الجماعات الكردية الموالية لها شريكاً في حكومة دمشق ودستور الدولة الجديدة والجيش الذي سوف تشكل الفصائل المسلّحة نواته الرئيسية، وتحتفظ واشنطن عبر الجماعات الكردية بحضور وازن في الحكومة والجيش والدستور، وبالمقابل تضمن للجماعات الكردية شرعنة نوع من القوات الأمنية الذاتية ومجلس حكم محلي تابع لها.
في تل أبيب وجّه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تهديدات بتدمير البنى التحتية في اليمن، بعدما بدا أنه يخسر الجولة مع اليمن عسكرياً، وسط تشكيك الخبراء العسكريين في الكيان بجدوى التصعيد الذي لن ينجح بكسر الموقف اليمني، وقد يصل إلى تهديد الأمن الإقليمي وخصوصاً احتمال التسبب بإقفال مضيق باب المندب أمام تجارة النفط، وتهديد القواعد العسكرية الأميركية في الخليج إذا استخدمها نتنياهو في الغارات على اليمن لضمان الاستغناء عن التزوّد بالوقود في الجو كشرط لتكثيف الغارات، وصعوبة حشد عشرات الطائرات على مسافة تزيد عن 2000 كلم، ولا تفصل مصادر متابعة داخل فلسطين المحتلة بين حديث نتنياهو عن تقدّم مسار التفاوض للوصول إلى اتفاق حول غزة، وبين الفشل الإسرائيلي في توجيه ضربة رادعة لليمن، بحيث يصبح الطريق الوحيد لوقف الضغط اليمني هو وقف إطلاق نار في غزة.
لبنانياً، تساؤلات تتصاعد مقابل تصاعد وتيرة ونوعية الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب مع اقتراب نهاية نصف المهلة المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار لإنجاز تطبيق الاتفاق، بينما لم ينسحب الاحتلال إلا من جزء بسيط مما يفترض به الانسحاب منه، وبينما تزعم هيئة البث الإسرائيلية أن البطء الإسرائيلي ناجم عن بطء تقدّم الجيش اللبناني، تقول مصادر معنية إن الجيش يضطر للمحاولة مرات عديدة للتقدم نحو أي نقطة ولا ينجح رغم تدخل اليونيفيل والشكوى الى لجنة المراجعة إلا بعد أيام وأحياناً بعد أسابيع، وخلال تقدّم الجيش يكتشف أن الاحتلال لم ينسحب إلا جزئياً. وتساءل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، عن سبب الصمت عن هذه الانتهاكات المتمادية للسيادة، قائلاً “هل يجوز أمام امتهان الكرامة الوطنية ألا نسمع صوتاً من أحد؟».
وواصل العدو الإسرائيلي عدوانه على المدن والقرى الجنوبية على مرأى لجنة الإشراف الدولية على اتفاق وقف إطلاق النار في وقت لم تعط الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني القرار للردّ على الاعتداءات التي يبدو أنها مستمرة الى نهاية مهلة الستين يوماً وربما أكثر، ما يستدعي من الدولة اللبنانية حكومة وجيشاً وأهالي القرى الحدودية والجنوب الاستعداد للدفاع عن الحدود إذا ما استمرّ العدو في عدوانه، وفق ما تشير مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» والتي حذّرت من «المحاولات الإسرائيلية لفرض أمر واقع في الجنوب لم تستطع فرضه طيلة أيام الحرب، لافتة الى أن الاعتقاد بأن الدولة غير موحّدة تجاه هذا العدوان وأن الجيش اللبناني عاجز عن صدّ الاعتداءات الإسرائيلية وأن المقاومة مقيدة بالقرارات الدولية وضعيفة فهو مشتبه، لأن المقاومة ليست ضعيفة بل لا زالت قوية وقادرة على الدفاع عن أهلها وحدودها وبلدها بكافة الوسائل، وهي إن أفسحت المجال للدولة وللجيش ولجنة الإشراف الى معالجة الخروق ووقف الاعتداءات الإسرائيلية فلا يعني أنّها فقدت دورها الدفاعي ومسؤوليّاتها وواجباتها في حماية شعبها بالتعاون والتكاتف مع الجيش والشعب».
وسألت المصادر عن مسؤولية الأمم المتحدة والقوات الدولية ولجنة الإشراف في وقف همجية العدو وهل منحوا للعدو مهلة لاستكمال تنفيذ بنك أهدافه على الحدود بعد عجزه عن ذلك طيلة فترة الحرب؟ وهل يعتقد هؤلاء بأن هذه الاعتداءات تعرّض الهدنة للسقوط في أي لحظة؟ وإذا لم تستطع لجنة الإشراف الدولية والأمم المتحدة عن لجم العدو فكيف ستجبره على الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة خلال الحرب وقبلها؟
وفي سياق ذلك، أشارت صحيفة “جيروزاليم بوست” نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، إلى أن “انسحابنا من جنوب لبنان قد يكون أبطأ بسبب الانتشار البطيء للجيش اللبناني”.
وكان العدو واصل عدوانه على الجنوب، حيث استهدفت مسيّرة معادية مجموعة شبان قرب المدرسة الرسمية في الطيبة، ما أدى الى استشهاد وجرح ثلاثة أشخاص، فيما نفذ جيش العدو أمس تفجيراً كبيراً هو الأعنف في بلدة كفركلا أدى الى تدمير حارة بكاملها وسط البلدة. كما اختطف جيش العدو الراعي اللبناني محمود موسى في خراج عين إبل ويارون خلال رعيه الماشية.
وكان جيش الاحتلال أقفل طريق مدينة بنت جبيل – مارون الراس بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية، ما يحول دخول الآليات والسيارات باتجاه بلدة مارون الراس. كما سجل تحليق للطائرات المُسيّرة في أجواء الجنوب، كما رفع العلم الإسرائيلي على تلة في منطقة اسكندرونا بين بلدتي البياضة والناقورة المشرفة على الساحل عند مدخل بلدة الناقورة الرئيسي. وفجّر عدداً من المنازل في بلدة الناقورة تزامناً مع تحليق للطيران المروحي والاستطلاعي الإسرائيلي في الأجواء. وأقدمت قوات الاحتلال على تفجير عدد من المنازل في منطقتي البستان والزلوطية في قضاء صور. وعملت وحدة الهندسة في الجيش اللبناني على إزالة صاروخ من مخلفات الحرب الإسرائيلية في بلدة برج رحال – قضاء صور. وأصدر جيش العدو “تذكيراً إلى سكان جنوب لبنان بحظر الانتقال جنوبًا إلى أكثر من 60 قرية جنوبية ومحيطها حتى إشعار آخر”.
في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلامية محلية بأن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين سيزور لبنان بين عيدَي الميلاد ورأس السنة لبحث تطبيق القرار 1701 مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وذكرت بأن زيارة هوكشتاين إلى لبنان ستشمل الملف الرئاسي قبيل جلسة 9 كانون الثاني.
وعلى إيقاع الاعتداءات الإسرائيلية، حضرت الدولة في الجنوب، حيث زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون الجنوب، حيث قال ميقاتي: “لا بد بداية من توجيه التحية لأرواح شهداء الجيش الذين سقطوا دفاعاً عن الأرض، وأتطلع في وجوهكم وأشعر بالفخر لأنني أشعر بمعنوياتكم العالية وإصراركم على الدفاع عن الأرض رغم كل الصعوبات”. وأضاف ميقاتي “سنعقد اجتماعاً مع اللجنة التي تشرف على وقف إطلاق النار وأمامنا مهام كثيرة أبرزها انسحاب العدو من كل الأراضي التي توغل فيها خلال عدوانه الأخير، وعندها سيقوم الجيش بمهامه كاملة”. وتابع “الجيش لم يتقاعس يوماً عن مهماته ونحن أمام امتحان صعب وسيثبت الجيش أنه قادر على القيام بكل المهام المطلوبة منه وانا على ثقة كاملة بهذا الأمر”. وأشار ميقاتي إلى أن “الجيش أثبت على الدوام انه يمثل وحدة هذا الوطن ويقوم بواجباته، وجميع اللبنانيين الى جانب الجيش ويدعمونه، حماكم الله وحمى هذا الوطن”.
بدوره، حيّا قائد الجيش رئيس الحكومة شاكراً له دعمه الكامل للجيش، وقال: “رغم كل الإمكانات الضئيلة بقي الجيش صامداً في مراكزه وحافظ على المدنيين، وسنكمل مهمتنا لأننا مؤمنون بما نقوم به”.
وسأل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل: “اذا كان حزب الله قد خسر عسكرياً قدرة حماية لبنان وردع “إسرائيل” عن الاعتداء عليه، ولكنه لم يخسر معركة الدفاع عن لبنان ومنع “إسرائيل” من احتلال أراضيه بشكل واسع؛ ولكن هل هذا يعني أن لبنان كل لبنان خسر سيادته وأصبح مسموحاً لـ”إسرائيل” أن تقوم بالاعتداء اليومي على السيادة وعلى الجيش وعلى المدنيين وعلى الأملاك الخاصة والأملاك العامّة دون أن نسمع أي اعتراض؟ واذا كان مطلوب منا لبنانياً تطبيق الاتفاق، أليس مطلوباً من “إسرائيل” أيضاً تطبيقه؟ وأخيراً، الم يعد هناك من كرامة وطنية أمام ما نشهد من امتهانٍ لها دون أن نسمع صوتاً او اعتراضاً من حكومة او جيش او مسؤولين؟ لا نريد عودة الحرب، ولكننا نرفض الذل والمهانة”.
وأكد باسيل أن “موقفنا منذ اليوم الأوّل في 2022، كان ولا يزال مع رئيس توافقي تتفاهم عليه الكتل النيابية، اوّلاً لكي يتمكّن من الوصول الى سدّة الرئاسة وتجنّب النزاع، وثانياً لكي يتمكّن من النجاح في الرئاسة من دون وجود تكتل سياسي كبير يعاكسه منذ بداية العهد، ولكي يتمكّن هو من جمع اللبنانيين في مشروع وطني إنقاذي بدل تقسيمهم الى مشاريع فئوية طائفية فتنوية”. ولفت إلى أن “كل ما يُحكى عكس ذلك عن مؤامرات وتركيبات وخبريات اننا نسعى الى التفاهم مع فريق دون فريق هو فبركة وكذب لكي ينالوا من توجّهنا ويضعونا في خانة المتآمرين والخاسرين أو الرابحين في رهان رئاسي وسياسي ابتعدنا عنه منذ البداية، واعتمدنا بدلاّ عنه خيارًا رئاسيًّا إصلاحيًّا سياديًّا وطنيًّا جامعًا دون ربح لأحد على أحد”.
على صعيد آخر، عقدت كتلة الوفاء للمقاومة جلسة استثنائية خصصت للبحث في قضية النازحين اللبنانيين إلى الجمهورية العراقية، وتمّ استعراض مجريات العمل مع الحكومة العراقية والوزارات والإدارات المعنية من جهة والحكومة اللبنانية وشركة طيران الشرق الأوسط من جهة ثانية، وقد تقرّر تشكيل لجنة للمتابعة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خصوصاً أن هذا الملف من مسؤوليات الحكومة اللبنانية التي يقع على عاتقها موضوع النازحين اللبنانيين، بهدف تكليف الأجهزة المعنية وفي مقدمتها الهيئة العليا للإغاثة ولجنة الطوارئ الحكومية لإيجاد الحلول المناسبة ومعالجة الموضوع بصورة فورية”.
زر الذهاب إلى الأعلى