بقلم: حسين عبدالله
خطاب السيد حسن نصر الله في 19 سبتمبر 2024 يأتي كصرخة تحدٍ في وجه العدو الإسرائيلي، الذي لطالما كان معروفًا بانتهاكاته المتكررة ضد المقاومة اللبنانية. الهجمات التي وصفها السيد نصر الله بالقاسية، والتي استهدفت شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب، لم تكن مجرد عمل عسكري بل محاولة واضحة لضرب الروح المعنوية لحزب الله وشعبه. لكن السيد نصر الله، كعادته، كان صلبًا في ردّه، رافعًا راية المقاومة، ومؤكدًا أن هذه الضربات لن تكسّر الحزب ولن توقف مسيرته.
من الواضح أن إسرائيل تعي قوة حزب الله جيدًا، وهذا الهجوم ليس إلا محاولة يائسة لتفادي ما يعتبره البعض “هزيمة محتملة” في أي مواجهة مستقبلية. السيد نصر الله كشف ببراعة كيف تتعامل إسرائيل مع الصراع بمنطق الهجوم على البنية التحتية الحساسة، في محاولة لعزل الحزب عن أدواته التنظيمية. ولكن، إذا كانت إسرائيل تظن أن تفجير أجهزة الاتصال سيوقف العمليات أو التنسيق بين عناصر المقاومة، فهي بذلك تقع في وهم كبير.
حزب الله هو قبل كل شيء مشروع مقاومة شعبي، متجذر في النسيج الاجتماعي اللبناني. ضرب الأجهزة لا يضرب العقيدة، والعقيدة هي التي تدفع المقاومة للاستمرار. كما أشار السيد نصر الله، هذه الضربات قد تكون قاسية، لكنها ليست مدمرة. بالعكس، تبدو وكأنها شرارة جديدة لتجديد العزيمة والإصرار على مواصلة المقاومة.
إلى جانب ذلك، هناك رسالة سياسية أعمق في خطاب السيد نصر الله. فحين يتحدث عن استهداف 4000 جهاز اتصال بيجر، يشير بذلك إلى حجم الاستهداف الممنهج والتصعيد المتعمد من قبل إسرائيل. هذا ليس مجرد هجوم على أجهزة اتصال، بل محاولة لضرب قيادة الحزب وعزله عن قاعدته الشعبية. ولكن المقاومة، التي نمت وتطورت في ظل الضغوط والحصار، تعلّمت كيف تصمد أمام كل أنواع الهجمات، سواء كانت عسكرية أو سيبرانية.
في الوقت الذي يحاول فيه قادة إسرائيل مثل نتنياهو رسم صورة الانتصار، السيد نصر الله يقدم صورة مختلفة، ويقول للعالم إن من يقود إسرائيل نحو الهاوية ليس حزب الله، بل قادتها أنفسهم الذين يدفعون ببلادهم نحو المجهول. الخطاب يبرز بوضوح أن المعركة ليست فقط على الأرض بل أيضًا معركة إرادات، والإرادة التي يمتلكها حزب الله لا يمكن هزيمتها بالضربات المادية فقط.
في النهاية، حزب الله لا يعتمد فقط على التكنولوجيا أو القوة العسكرية، بل على عقيدة نضالية متأصلة ومجتمع داعم يرفض الخضوع للاحتلال والعدوان. مهما حاول العدو أن يضرب، فالمقاومة ستبقى صامدة، وستواصل السير على خطاها حتى تحرير الأرض وحماية كرامة الشعب.
باختصار، خطاب السيد نصر الله هو أكثر من مجرد رد على هجوم. هو إعلان بأن حزب الله باقٍ، وأن العدو رغم كل قوته عاجز عن كسر عزيمة المقاومة.
زر الذهاب إلى الأعلى