اقتصاداقتصادالرأيالرأيمقالات

العراق بين خطر الانهيار الاقتصادي وحتمية البحث عن بدائل للبترو دولار

العراق – أ.د. إسماعيل العيسى

في خضم التحديات الاقتصادية والسياسية المتزايدة، يواجه العراق واحدة من أخطر الأزمات التي قد تهدد استقراره، ألا وهي *الاعتماد شبه الكامل على النفط لتمويل الموازنة العامة، مع تضخم هائل في عدد الموظفين الحكوميين*.هذا النهج، الذي يبدو وكأنه طوق نجاة لتوفير فرص عمل، قد يتحول في أي لحظة إلى قنبلة موقوتة تهدد بانفجار اقتصادي يعصف بالنظام السياسي والاجتماعي في البلاد.

إن الواقع الذي لا يمكن إنكاره هو أن العراق اليوم يدفع ثمن سياسات اقتصادية قصيرة النظر، حيث يشكل النفط أكثر من 90% من الإيرادات الحكومية. في المقابل، تستنزف الرواتب والأجور الجزء الأكبر من هذه الإيرادات، ما يترك الموازنة عاجزة عن تمويل أي مشاريع تنموية حقيقية.

ورغم التحذيرات المتكررة من الخبراء الاقتصاديين، تستمر الحكومة في توسيع قاعدة التوظيف الحكومي، ما يضعها أمام معادلة خطيرة: *إذا انخفضت أسعار النفط أو واجهت البلاد أزمة سياسية أو أمنية تمنع وصول الإيرادات، سيكون من المستحيل دفع الرواتب. وهنا، يتحول غضب المواطنين إلى احتجاجات قد تزلزل النظام السياسي برمته*.

إن انقطاع الرواتب في بلد مثل العراق، يعتمد الملايين من الأسر على دخل الوظائف الحكومية، فإن توقف الرواتب يعني شللاً اقتصادياً كاملاً. لن تكون القضية مجرد احتجاجات عابرة، بل ربما نشهد انهياراً اجتماعياً يقود إلى ثورة شعبية ضد الحكومة، خاصة في ظل استشراء الفساد وضعف الثقة بالمؤسسات الرسمية.

رئيس الجمعية العراقية للاعتماد والرصانة وتطوير البرامج التعليمية أ د إسماعيل محمود محمد
رئيس الجمعية العراقية للاعتماد والرصانة وتطوير البرامج التعليمية أ د إسماعيل محمود محمد

لذا يجب على أصحاب القرار  التحرك بسرعة إذ لا يمكن للعراق أن يواصل السير في هذا الطريق دون حتمية الاصطدام بالأزمة. إن تجاهل المشكلة أو تأجيل الحلول لن يزيد الأمور إلا سوءاً، وعلى الحكومة وأصحاب القرار أن يدركوا *أن الحل لا يكمن في زيادة التوظيف أو انتظار ارتفاع أسعار النفط*، بل في اتخاذ خطوات جريئة ومبتكرة تضع العراق على مسار اقتصادي مستدام.

وعلى الحكومة العراقية أن تضع خارطة طريق طارئة للخروج من هذه الأزمة الخطيرة والتي يمكن إجمالها بنقاط محددة :

1. تنويع مصادر الدخل

 تطوير الزراعة والصناعة لا يمكن للعراق الذي يمتلك مساحات زراعية شاسعة وموارد طبيعية غنية أن يبقى رهينة النفط. يجب توجيه استثمارات ضخمة لتطوير هذين القطاعين.

  تعزيز السياحة من السياحة الدينية إلى الأثرية يمتلك العراق كنوزاً يمكن أن تدر عائدات ضخمة إذا ما تم استثمارها بشكل صحيح.

2. تقليل الاعتماد على التوظيف الحكومي

 •إعادة هيكلة الجهاز الإداري وتوجيه العمالة إلى القطاع الخاص من خلال حوافز استثمارية حقيقية.

  إطلاق مشاريع تدريبية لإعادة تأهيل الشباب وتمكينهم من العمل في القطاعات غير الحكومية.

3. إنشاء صندوق سيادي لمواجهة الأزمات

 استثمار جزء من عائدات النفط في صندوق سيادي يمكن استخدامه في الأزمات الطارئة، بدلاً من الاعتماد الكامل على الإيرادات اليومية

4. دعم الطاقة البديلة

  الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، التي لا تعزز الاقتصاد فحسب، بل تسهم أيضاً في تقليل الاعتماد على النفط.

5. مكافحة الفساد

  لا يمكن لأي إصلاح اقتصادي أن ينجح دون محاربة الفساد الذي يستهلك موارد الدولة ويُفقد المواطنين الثقة في المؤسسات.

 وأخيراً أوجه رسالة “جيم” إلى أصحاب القرار

إن الوضع الراهن لا يحتمل المزيد من التسويف أو الترقيع. فالأزمات السياسية والأمنية قد تكون مسألة وقت، وإذا لم يُعالج الخلل في السياسة الاقتصادية  فإن العراق مقبل على كارثة لا يمكن احتواؤها

فأنتم أمام مسؤولية تاريخية إما أن تتحركوا الآن لإنقاذ البلاد من حافة الهاوية أو أن تتحملوا مسؤولية انهيار اقتصادي واجتماعي ستكون له تداعيات لن تُمحى من ذاكرة العراقيين.

الأمل لا يزال قائماً، لكن التغيير يحتاج إلى إرادة حقيقية وقرارات شجاعة. العراق يمتلك الموارد البشرية والطبيعية التي يمكن أن تجعل منه نموذجاً للتنمية المستدامة. ما ينقص هو رؤية قيادية تمتلك الجرأة لتغيير المسار قبل فوات الأوان وقبل أن تغرق سفينة الوطن 

Aziz Mosawe

عزيز آل يحيـى إعلامي عراقي ممارس علاقات عامة واعلام ومحرر صحفي وصلت خدماتي الإعلامية المتمثلة بالنشر الإعلامي والتحرير الصحفي الى اكثر من 80 وسيلة إعلامية مختلفة من صحف ومجلات ووكالات اخبارية في 19 دولة عربية إقليمية وأجنبية مختلفة وأتمتع بالعديد من المهارات العالية والخبرات في مجال الإعلام والعلاقات بخبرة تمتد إلى أكثر من 11 سنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى