أخبار اقليميةأخبار عربية
تونس تستعد للانتخابات الرئاسية و7 شخصيات تعلن ترشحها
يستعد التونسيون لخوض الموعد الانتخابي الأهم، الذي تنتظره بلادهم في خريف العام الحالي، ألا وهو الانتخابات الرئاسية، التي بدأت ملامح اللاعبين الرئيسيين فيها تتضح، بإعلان عدد من الشخصيات عزمها الدخول في هذا السباق الانتخابي.
سباق تحوم حوله الكثير من التساؤلات، خاصة في علاقة بموعد إجراء الانتخابات الذي لم يحدد بعد، وبإمكانية تحوير شروط الترشح، بما قد يُفضي إلى استبعاد عدد من المترشحين.
وفي وقت سابق، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها، أي في الأشهر الثلاث الأخيرة من العهدة الرئاسية الحالية، ورجّحت أن يتم تنظيمها بين شهريب سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول المقبلين.
فبأية شروط سيُجرى هذا الاستحقاق الانتخابي العاشر في تاريخ البلاد بعد الثورة؟ ومن هم أبرز المتسابقين فيه؟ وأي حظوظ للرئيس التونسي، قيس سعيد، في تجديد عهدة ثانية؟
ورغم عدم فتح باب الترشح بشكل رسمي، فقد أفصحت 7 شخصيات سياسية إلى حدود اليوم عن نيّتها الدخول في غمار تجربة الانتخابات الرئاسية بشكل رسمي، يُضاف إليها الرئيس الحالي، قيس سعيد، الذي ألمح إلى أنه سيترشح لولاية ثانية، الذي أكد في تصريحات سابقة أنه “لن يتراجع قيد أنملة عن مساره، ولن يسلّم الوطن لمن قاموا بتخريبه ولمن لا وطنية لهم”.
وتبدو جلّ هذه الشخصيات مألوفة بالنسبة للشعب التونسي، فمن بينها من خاض تجربة برلمانية في السنوات الماضية على غرار الكاتب، الصافي سعيد، الذي تقلّد منصب نائب في البرلمان في انتخابات 2019 التشريعية عن القائمة المستقلة “نحن هنا”.
ولم يكتف الصافي سعيد بالإعلان عن ترشحه، بل قدّم برنامجا انتخابيا تحت شعار “نحن هنا.. تونس تستطيع” يتبنى مقترح اعتماد نظام رئاسي معدل، وإحداث خطة نائب الرئيس، وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة، وإقرار ضمانات لتنقيح الدستور بشكل يتم فيها الجمع بين دستوريْ 2014 و2022، بالإضافة إلى “تطهير السجون من سجناء الرأي”.
كما ترشّح لهذه الانتخابات الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، لطفي المرايحي، الذي قال إن ترشحه يأتي في سياق “تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع مكانة الوطن وإشعاعه بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة ‘.
واعتبر المرايحي، في بيان رسمي نشره على صفحته على مواقع التواصل، أن تونس دخلت فعليا في فترة الحملة الانتخابية حسب ما يحدده القانون الانتخابي الحالي، ودعا رئيس الجمهورية إلى المسارعة بتحديد موعد للانتخابات “حتى ييسّر على المشرفين عليها الإعداد لها في أحسن الظروف والإيفاء بالتعهد الذي أملاه القسم الدستوري والذي بموجبه تنطلق العهدة الرئاسية القادمة يوم 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2024”.
ومن ضمن المترشحين، الناشط السياسي، نزار الشعري، الذي قال في بيان توضيحي، إن برنامجه الانتخابي سيرتكز على 3 أهداف وهي تركيز المحكمة الدستورية وتعديل الدستور بما يضمن التوازن والرقابة بين السلطات، وإلغاء المرسوم 54، وإصدار “صلح الحقوق والحريات”.
كما ترشح أيضا الوزير السابق في نظام الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، المنذر الزنايدي، الذي أعلن من مكان إقامته فرنسا أنه سيخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأنه يثق في قدرته على “تحسين الأوضاع” و”المساهمة في الإنقاذ” رفقة مجموعة من الكفاءات الوطنية.
وقال الزنايدي، الذي واجه سابقا تهما بالفساد، إن رؤيته لإصلاح الدولة والمجتمع ستأخذ بعين الاعتبار التطورات العالمية الجيوسياسية والاقتصادية، وأنه سيُولي الأولوية المطلقة للجانبين الاقتصادي والاجتماعي وردّ الاعتبار للمؤسسة القضائية.
ومن بين الأسماء الأخرى المترشحة، رئيسة حزب الجمهورية الثالثة، ألفة الحامدي، التي قد تواجه احتمالية الاقصاء من هذا السباق الانتخابي بسبب سنها الذي يقل عن 40 عاما، وهو ما يتعارض مع السقف الأدنى للعمر الذي حدده دستور 2022.
مترشحون من خلف القضبان
وتشمل قائمة المترشحين الذين أعلنوا عن تقدّمهم لهذا الاستحقاق الانتخابي، شخصيتان تقيمان داخل السجن، وهما الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، الذي سُجن بتهمة التآمر على أمن الدولة، ورئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، التي سُجنت على خلفية تهم متعددة من بينها محاولة قلب النظام.
وتطرح هذه الترشحات تساؤلات بشأن مدى نجاحها في دخول السباق الانتخابي، في ظل عدم الإعلان عن شروط الترشح، التي قد تشمل إضافة شرط خلوّ المترشح من السوابق العدلية، أو وجوبية تقديم ترشّحه حضوريا.
وفي هذا الإطار، أكد عضو هيئة الدفاع عن السياسية، عبير موسي، المحامي نافع العريبي، لـ”سبوتنيك”، أن “اعتماد البطاقة عدد 3 (بطاقة السوابق العدلية) هو إجراء مخالف للقانون الانتخابي ويضرب الحق الدستوري في الترشح، مضيفا “أن تكون للشخص سوابق عدلية فهذا لا يشرّع حرمانه من حقوقه المدنية والسياسية”.
وأوضح العريبي أن “الفصل 44 من القانون الانتخابي يسمح لأي مواطن تونسي بتقديم ترشحه إما حضوريا أو عن طريق ممثله القانوني، وهي ليست المرّة الأولى التي يتم فيها اعتماد هذا الإجراء”.
وفي 21 نيسان/ أبريل الماضي، أمضت مجموعة من النشطاء والشخصيات السياسية عريضة طالبوا فيها السلطة بعدم المساس بالمسار الانتخابي، من خلال إضافة معايير جديدة تغير شروط الترشح وعدم التضييق على نشاط المترشحين، على غرار تضمين البطاقة عدد 3 وشهادة إقامة في ملف المترشح واشتراط التعريف بالإمضاء لتزكيات المترشح العشر آلاف.
وطالب الممضون على العريضة السلطة بـ”عدم حرمان أي مترشح لم يصدر في شأنه حكم بات مرفوق بحكم تكميلي يحرمه من حقوقه المدنية من الترشح للانتخابات الرئاسية بأي شكل من الأشكال”.
أي حظوظ لهؤلاء المترشحين؟
وفي تعليق لـ”سبوتنيك”، قال المحلل السياسي، مراد علالة، إن “منصب رئيس الجمهورية يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للشعب التونسي وللمترشحين أنفسهم، الذين يرون فيه الطريقة المثلى لممارسة الحكم، والحصول على الشرعية الشعبية والانتخابية”.
وأضاف: “من بين الشخصيات المترشحة أسماء تقليدية وأخرى يمكن وصفها بالفلكلورية لتزيين الحضور وصنع الإثارة، ولكن بعضها لها وزن انتخابي أثبتته استطلاعات الرأي والقدرة على التعبئة خلال الوقفات الاحتجاجية وحتى الرمزية التاريخية بالنسبة للبعض منها، وهو ما يُعلي حظوظها في الفوز”.
ويرى علالة أن “البعض من هذه الأسماء مرشحة لبلوغ آخر محطة في السباق الانتخابي، غير أن إمكانية إضافة شروط جديدة للترشح قد تجبرها على التخلي عن الترشح”.
ويشير علالة إلى أن “الحديث عن مرور سريع وقوي للرئيس الحالي، قيس سعيد، ليس بالأمر المحسوم، سواء تم التضييق على الترشحات، وهو ما سيمس من الشرعية أو سُمح بتوسيعها، وهو ما سيُفضي إلى منافسة قوية قد تُفضي مرة أخرى إلى “التصويت النافع”، كما حدث في الانتخابات الرئاسية السابقة بين المترشحين قيس سعيد ونبيل القروي”.
ويعتقد علالة أن “حظوظ الرئيس، قيس سعيد، في الفوز بولاية ثانية ستتأثر بالتحفظات الكثيرة على المناخ العام الذي تجرى فيه هذه الانتخابات في ظل الحديث عن تراجح الحريات”، على حد قوله.
ولفت علالة إلى أن “عوامل أخرى قد تلعب دورا كبيرا في هذه الانتخابات وتغيّر بوصلة النتائج، أبرزها الماكينة الانتخابية التي تقف وراء كل مترشح”، وأردف: “حتى الآن هناك ألغاز كثيرة رافقت الانتخابات السابقة خاصة انتخابات 2019 في علاقة بدور مواقع التواصل الاجتماعي والحملات التي تدار في الفضاء الافتراضي”.
على الجهة المقابلة، يرى المحلل السياسي، باسل الترجمان، في حديثه لـ”سبوتنيك” أن “الشعب التونسي في يعيش حالة من القطيعة تجاه الأحزاب والجمعيات”.
وأوضح: “حاليا لا يوجد في تونس أي حزب، بغض النظر عن قوته أو وضعه أو تاريخه، قادر على اقناع الشعب التونسي بأي قضية كانت، لسبب بسيط، وهو أنهم أضاعوا خلال السنوات العشر الماضية فرصة حقيقية لإقامة ديمقراطية حقيقية وقاموا بترذيل المشهد السياسي والبرلماني بشكل أفقد الشعب التونسي إيمانه بهذه التجربة”. وقال الترجمان إن الرئيس الحالي قيس سعيد لم يكن سببا في هذا الوضع بل جاء نتيجة له”.
وحول موقف المعارضة من هذه الانتخابات، قال الترجمان: “في الظاهر اتخذت المعارضة ممثلة أساسا في جبهة الخلاص الوطني موقفا معاديا لهذا الاستحقاق الانتخابي وأعلنت مقاطعتها له، غير أن عضوا في الجبهة وهو عبد اللطيف المكي أعلن أن حزبه (حزب العمل والانجاز) معني بالانتخابات الرئاسية”.
ويشير الترجمان إلى أن “انتخابات الرئاسة أحدثت خلافات داخل صفوف المعارضة، سببها الرئيسي رفض رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اعتماد رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب كمرشح وحيد للمعارضة وترشيح شخصية من خارج الجبهة وهي، منذر الزنايدي، المقيم خارج تونس”.
وقبل أيام وخلال مؤتمر صحفي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني المكونة من 6 أحزاب أنها لن تشارك في انتخابات الرئاسة التي وصفتها بـ”المسرحية”، لاعتبارات عديدة من بينها غياب شروط التنافس.
وذكرت قيادة الجبهة أنها ستكافح من أجل انتخابات نزيهة وأنها ستتمسك بهذا الاستحقاق في حال تغيرت الشروط.