انشغل اللبنانيون منذ أمس بحادثة اكتشاف جثث مدفونة داخل منزل في منطقة كفرشيما.
الحدث أثار الرعب واستغراب أغلبية اللبنانيين خصوصاً أنه جرى الحديث عن جثث موجودة منذ 30 عاماً إضافة الى واحدة جديدة متوفاة منذ أقل شهر، وهي التي كشفت المقبرة بسبب الروائح المنبعثة منها.
ومتابعةً للقضية فالبيت المذكور هو في منطقة حارة الدير- كفرشيما، وتحديداً في الشارع رقم 617، هو ملك لعائلة الفتى، لم يبق منهم على قيد الحياة سوى خريستو الفتى الخمسيني ووالدته المسنّة.
وفق تقاطع الروايات، سكان هذا المنزل غريبو الأطوار، وهو ليس بشيء جديد على جميع أهالي كفرشيما وحتى على القوى الأمنية والبلدية وكل من يعرف المنطقة، فهم عائلة لها طقوس خاصة ومنعزلون، عدائيون تجاه جيرانهم وجميع من يقترب من منزلهم، لا يختلطون بأحد ولا يزورهم أحد، كما أن دفن موتاهم في حديقة في منزلهم أيضاً معلوم من الجميع لكن ليس كما تبيّن، فالجميع كانوا يظنون أن هناك مقبرة بالمواصفات المعروفة في حديقة المنزل.
كثيرةٌ القصص التي يرويها سكان القرية عن هذه العائلة من التعرّي على الطريق الى إطلاق النار على من يقترب من المنزل، الى الأذية المتعمّدة للناس، لدرجة أن أولاد القرية يتحاشون المرور من أمام المنزل خشية التعرّض لهم من خريستو وشقيقه.
جعلوا من منزلهم شيئاً أشبه بالموقع العسكري مع طقوس غريبة، فالمنزل محاط بالخيام والشوادر لا يمكن رؤية أي شيء منه الى الخارج بالإضافة الى زرع عدد كبير من الكاميرات المتحركة، وكأنه مركز استخباراتي دولي، وفق ما رصدت كاميرا “النهار” التي جالت في المنزل، إضافة الى تعليق أحذية ودواليب على جدرانه وعلى الشوادر بطريقة مريبة.
هذا جميعه بالإضافة الى سرقة كابلات الكهرباء والحديد والمنازل الفارغة من الأحياء والتي كانت مدار شكاوى عديدة، وهذا ما أدى الى مداهمة المنزل من قبل مخابرات الجيش واكتشاف المقبرة، وليس الروائح كما أشيع، فالروائح البشعة التي تفوح من المنزل هي قديمة وليست جديدة.
وبالعودة الى الجثث وبحسب ما كشفت كاميرا “النهار” أيضاً فهي غير موجودة في داخل المنزل كما أشيع، فهذا المنزل كبير نسبياً وهو مؤلف من طابقين وحديقة، فيه غرفة على طرف الحديقة خُصّصت للجثث، ولا يمكن تسميتها بمقبرة نتيجة وضع الجثث على ألواح خشب وتركها شبه مرميّة.
وبحسب المعلومات، إن الجثث الخمس تعود للأب، وأربعة إخوة من العائلة، حبيب الفتى الوالد تُوفي في عام 2005، بشارة الفتى تُوفي العام الماضي، خليل تُوفي في عام 2000 وجورج الذي تُوفي في عام 1986، وأخيراً الياس الذي تُوفي في 26 من الشهر الماضي ورُمي في الغرفة-المقبرة بالثياب التي كانت عليه من دون عزاء ولا مراسم ولا صلوات، وبحسب ما يشاع فإن خليل هو من قتل شقيقه جورج بسبب تعدّيه الدائم على أشقائه ودُفن في البداية في المنزل لتكرّ بعدها السبحة بناءً على وصيّة معتمدة بينهم.
والمستغرب أن لا أحد في البلدة أو الأقرباء أو الجيران كان يعلم بوفاة الياس، بل على العكس كانت الشكاوى على الياس وخريستو، ليفاجأ الجميع بأن الجثة صاحبة الرائحة القوية هي لإلياس الذي تُوفي قريباً، وبحسب التحقيقات الأولية فإن لا فعل جنائياً لموت الياس بل وفاة طبيعية.
يشير مصدر أمني الى أن سبب عدم إقفال المنزل والمقبرة بالشمع من قبل القوى الأمنية يعود الى عدم وجود شبهة جنائية ولا دعوى أو اعتراض بهذا الشأن وبالتالي فإن القانون اللبناني يسمح بإقامة المقابر في الأملاك الخاصة وليس من مهامها متابعة إن كان الدفن تم بطريقة صحيحة أو لا.
يؤكد رئيس دير مار أنطونيوس القرقفي الأب سابا سعد لـ”النهار” أنه منذ توليه مهامه منذ عامين يسمع عن هذه العائلة وطقوسها الغريبة من خلال شكاوى الناس عليهم ومطالبتهم للكاهن وله بالتدخل لكنه كان دائماً يواجه بعدم التجاوب من قبلهم.
وقال: “منذ توليّ مهامي، وقبلها بثلاث سنوات بحسب كاهن الرعية لم نتلق أيّ طلب للصلاة على ميت من هذه العائلة بما يعني أن بشارة الذي تُوفى العام الماضي والياس الذي توفي الشهر الماضي لم تُجر لهم جنازة طبيعية دينية ولم نعلم بموتهم ولا قيود لهذه الوفيات لدينا”.
وأضاف: “وسمعت من كهنة سابقين أنه سبق أن صلّوا مرتين على شخصين من هذه العائلة نتيجة طلب من أفرادها ولكن الرفات لم يكن موجوداً، طلب من الكهنة الصلاة على نيّتهم ولم يروا الجثث وأين مدفونة، كما أن هناك بروتوكولات كنسية للدفن وطريقة معيّنة جميعها غير محترمة وفق ما ظهر من صور”.
وإذ أشار الى أنه لا يمكن من تلقاء أنفسهم التدخل والذهاب الى المنزل أو المقبرة من دون طلب، كشف أن الدير سيتدخل لإعانة الوالدة المعمّرة التي لم يعد لديها معيل بسبب توقيف ابنها الوحيد الباقي على قيد الحياة.
زر الذهاب إلى الأعلى